Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
13 mai 2016 5 13 /05 /mai /2016 09:33

Interview accordée à "Al Ahdath al Maghribya", publiée en trois parties dans les numéros du 27 avril, 4 mai et 11 mai 2016.

شكلت قضايا الجنسانية والنوع والنسائية صلب عمل عالم الاجتماع عبد الصمد الديالمي، الممتد على مدى أربعين سنة. وضمن هذه القضايا الثلاث الأساسية، كانت حاضرة قضية الدين والإسلاموية، التي أنتج بصددها مجموعة كبيرة من الدراسات والأبحاث والأوراق الجامعية. لكنها الإنتاجات التي يرى عبد الصمد الديالمي أنها لم تصل بالشكل الكافي إلى المغاربة، وخاصة المهتمين بتنظيراته، نظرا لنشر أهمها في مجلات دولية متخصصة باللغتين الفرنسية والإنجليزية.

ولذلك، جاء تفكيره بتقريبها إليهم من خلال تجميعها في كتاب"مصنع الإسلاموية في المغرب"، الذي أصدره بداية السنة الجارية عن دار النشر توبقال. وهو الكتاب الذي يعكس من خلاله اشتغاله التخصصي كعالم اجتماع الدين. ويؤشر ذلك التخصص على أن الظاهرة الدينية أحد مواضيع البحث والدراسة في العلوم الإنسانية والاجتماعية، على رأسها علم الاجتماع.

هل يندرج مؤلفكم الجديد ضمن مشروعكم التنظيري والبحثي المعروف أم يشكل بداية تحولكم نحو الدراسة السوسيولوجية الحصرية للدين والإسلاموية والإرهاب؟

على مدى اشتغالي البحثي والتنظيري، الممتد على 40 سنة، كان الموضوع الديني حاضرا ضمن اهتمامي البحثي، إلى جانب القضايا الثلاث، التي شكلت صلب عملي، وهي الجنسانية والنوع والنسائية. أنتجت مجموعة هامة من الأعمال حول المسألة الدينية بالنظر إلى ارتباطها الحيوي بباقي القضايا الثلاث المذكورة والتي أهتم بدراستها. لكنها إنتاجات لم تحظ بنفس الاهتمام الذي نالته دراساتي عن الجنسانية والنوع. ورأيت أنه حان الوقت لكي أقدم للقارئ المغربي هذه الإنتاجات من خلال تجميعها في كتاب.

ما هو الرهان العلمي، الذي تريدونه لمؤلفكم الجديد هذا؟

الرهان الأساسي للكتاب يتمثل في إبراز دور التنشئة الدينية (في الأسرة، في المدرسة، في الجمعية وفي وسائل الإعلام) في تكريس الإسلام منذ الولادة كمحدد هوياتي جمعي. فقد كان من اللازم إعادة النظر في مفهوم الفطرة ودراسته بشكل علمي صرف، وهو ما يفند أن الإسلام دين الفطرة. في هذا الإطار، يطرح الكتاب التساؤلات التالية: كيف يصنع المسلم في المغرب؟ كيف يتحول المسلم إلى إسلاموي؟ وكيف يتحول الإسلاموي إلى إرهابي؟ الإسلاموية والإرهاب المغربيان هما محل دراسة مفصلة في الكتاب. أيضا، يقدم الكتاب الدولة العلمانية كحل للإشكال الديني شريطة أن تعمل تلك الدولة على إدماج واندماج كل الطبقات الاجتماعية. والإدماج المقصود متعدد الأبعاد، فهو اقتصادي (شغل ودخل للكل) واجتماعي (لا تمييز على أساس إثني أو ديني أو جنسي أو لغوي) أو سياسي (ديمقراطية تمثيلية وتشاركية حقة). أيضا، يدافع الكتاب عن الحق في اللادين وفي الإلحاد كحق إنساني أساسي بوصفه الضامن للإيمان الحق، فهذا الأخير نتاج لحرية المعتقد وليس نتاجا للإكراه. أبعد من ذلك، يوضح الكتاب كيف أن الإيمان، كما اللإيمان، لا يدخل في تحديد مواطنة الفرد. فالمواطنة أسمى لأنها تجمع الجميع على قدم المساواة بين الجميع، مساواة ترفض أفضلية المؤمن على اللامؤمن أو الرجل على المرأة، أو الغيري على المثلي...

هل يحمل الكتاب، إجابة بشأن مآل الدين الإسلامي في خضم كافة التحولات التي تعرفها المجتمعات الإسلامية وبروز كل هذه التنظيمات الإرهابية المربكة للمشهد الديني؟

بطبيعة الحال، قدمت في المؤلف نظرية الدولة العلمانية حلا لإشكالية الدين. ومع ذلك، لابد من تطوير الدين. وهنا يأتي دور المثقفين لأجل العمل على إصلاح الإسلام. أيضا، الإصلاح لا بد من أن يصدر عن القائمين على تدبير الحقل الديني من علماء دين وفقهاء. هنا، تتجلى أهمية الاجتهاد التأويلي أو تعليق العمل ببعض النصوص (من خلال حذف ما يحافظ عليها في "مدونة الأسرة" أو في "القانون الجنائي") لتخليص الإسلام من فكر فقهي متخلف وللتخلص من الاعتقاد الواهم من أن الإسلام دين مثالي. وأنا متأكد من أن الإسلام سينتهي به الأمر لا محالة لأن يتحول إلى دين معقول وعقلاني إن أراد الاستمرار في المساهمة كمرجع في تنظيم المجتمع والدولة.

يحتمل عنوان الكتاب قراءتين : مصنع بما يعني فضاء صناعة الإسلاموية، ثم صناعة الإسلاموية. فهل بالنظر إلى القراءة الثانية، تعتقدون بأن هناك صناعة فعلية بما تحمل الكلمة من معنى للإسلاموية بالمغرب؟

ليس المقصود هو وجود فضاء خاص (مصنع) أو إرادة "مقاولاتية"، عمومية أو خاصة، تعمل على إنتاج الإسلاموية والإرهاب. المقصود بالصناعة هنا وجود سيرورة وتسلسل، تشابك عوامل ومتغيرات تعمل على تحويل بعض المسلمين المغاربة إلى إسلامويين ثم إلى إرهابيين. معنى الصناعة فعل اجتماعي تاريخي. بتعبير آخر، الإسلاموية بناء اجتماعي تاريخي، والإرهاب أيضا بناء اجتماعي تاريخي. بناء غير إرادي، بناء أسميته في كتابي 'السكن، الجنس، الإسلاموية" (1995) "باتولوجيا اجتماعية" (مرضا)، أي خللا في السير العادي للمجتمع. والواقع أن كل الدول، وليس المغرب وحده، مصانع للإسلاموية. كل دولة تصنع الإسلاموية بطريقتها الخاصة انطلاقا من معطياتها الخاصة.

إذن، أنتم تعتقدون بتوفر كافة المقومات للحديث عن صناعة قائمة الذات ؟

يمكن القول بذلك بالنظر إلى توفر عوامل خارجية وداخلية. ولكي أصدقك القول، فالعنوان، وجدته فقط في نهاية الاشتغال على الكتاب وليس قبلا، أي أنه لم تكن هناك نية مسبقة في إنتاج كتاب يحمل هذا العنوان تحديدا. وبكل صراحة، أيضا، وكما أسلفت القول، الكتاب عبارة عن دراسات أنجزتها بداية من 1996 إن لم يكن قبل هذه السنة. لكن الدراسة الأهم ضمن هذا الكتاب هي عبارة عن محاضرة جامعية قدمتها حول الإسلاموية "بمعهد علم النفس وعلم الاجتماع التطبيقيين" التابع "للجامعة الكاثوليكية للغرب" بمدينة أنجي (Angers) سنة 1997. ثم هناك دراسة أخرى أنجزتها بعد الأحداث الإرهابية ل2003 بالدار البيضاء. هاتان الدراستان نشرتا في مجلات دولية متخصصة في علم اجتماع الأديان. ثم أشير إلى الدراسة عن صناعة المسلم المغربي، أي عن طريقة تحويل الطفل إلى مسلم عبر طقوس تنشئوية معينة. فضلا عن حوارات صحافية أجرتها معي منابر إعلامية مختلفة حول الحركات الإسلاموية المتطرفة في المغرب وطرق مواجهتها. كل هذا جمعته في هذا الكتاب. وكان رهاني الأساسي هو تقريب ذلك إلى القارئ المغربي. بطبيعة الحال، هذه الدراسات ما تزال تتمتع بالراهنية من حيث أهمية القضية التي تطرحها، وبالنظر إلى أن التحليل الذي قمت به لظاهرة الإسلاموية بالمغرب ما يزال ساريا إلى اليوم. وأذكر هنا أن جريدة «الأحداث المغربية» أجرت معي في 2003 حوارا بعد تفجيرات الدار البيضاء، وهو الحوار الذي أنتجت خلاله مفهوم «الحريك إلى الجنة». بعد تجميع كافة الدراسات والمقالات والحوارات، تبين لي أن المغاربة يُصنعون كمسلمين أولا، ثم يُحول البعض منهم ويصنعون كإسلامويين، ثم يُصنَع البعض من هؤلاء ويُنتَجون كإرهابيين. وهذا ما شددت عليه منذ سنوات وأنا أؤكد على أن كل مسلم هو إسلامي بالقوة (بالمعنى الأرسطي)، وأن كل إسلامي هو إرهابي بالقوة، أي أن كل مسلم هو إسلامي كامن وكل إسلاموي هو إرهابي كامن. هناك إنتاج تدريجي تتداخل فيه عوامل كثيرة في مقدمتها، بطبيعة الحال العاملين السياسي والاقتصادي. ثم أضفت العامل النفسي الجنسي. وكنت وبكل تواضع البادئ بطرح وربط العامل الجنسي بصناعة الإسلاموي والإرهابي سنة 1995 في كتابي « السكن، الجنسانية، والإسلاموية» الصادر بالفرنسية عن دار النشر إيديف (ُEDDIF)، إذ ربطت العلاقة بين الحرمان السكني وبين الحرمان الجنسي وبين التحول إلى الإسلاموية المتطرفة والإرهابية. فقد أظهرت في كتابي هذا أن الحرمان السكني يؤدي إلى حرمان جنسي يترتب عنه بروز شخصية أصولية متشددة. وهو التحليل الذي ما يزال قائما بصدد الشخصية الإرهابية بالخصوص. فالإرهابي "كيحرك" إلى الجنة بالأساس لملاقاة الحوريات اللواتي ينتظرنه، هو الشهيد والبطل (في نظره طبعا). وقدعرضت هذه الأطروحة من جديد في كتابي الجديد، "مصنع الإسلاموية المغربية".

لكن، هناك ما يُشبه التحول الآن في ما يهم التوق إلى ومناشدة حور العين العدنية.. فمع تنظيم الدولة الإسلامية، فالاستمتاع بالحور أصبح يتم فوق الأرض ولا يؤجل إلى الحياة الأخرى.. من خلال السبي واتخاذ الخليلات الحسناوات

..

الاستمتاع الجنسي عبر السبي ليس استمتاعا طبيعيا مع امرأة راضية وقابلة. السبي يعني الأخذ عنوة من غير رضا. فهو اغتصاب يحول المرأة إلى جارية، تحويل تسمح به "الدولة الإسلامية في العراق والشام" بصدد غير المسلمات. فعل السبي يؤشر على وجود حرمان جنسي ولا يحل معضلة البؤس الجنسي، بل هو على العكس من ذلك تمظهر لها. ثم إن "الحريك إلى الجنة" مفهوم نظري لا يسري على كل الإسلامويين، فهؤلاء يتوزعون إلى فئات، إلى منظرين وإلى ممولين وإلى منظمين وإلى منفذين انتحاريين. إن مفهوم "الحريك إلى الجنة" ينطبق بالأساس على المنفذ الانتحاري، على ذلك الإنسان الأضعف الذي يعاني كافة أشكال الفقر، وعلى رأسها الجوع الجنسي. لا ينبغي أن ننسى أن النشاط الجنسي الناجح، الفحل، هو الذي يخلق شعورا بالرجولة لدى الرجل في النظام البطريركي. فبالنظر إلى إحساس الانتحاري بعدميته كرجل، وبأنه لا شيء، فهو الأقرب لتفجير نفسه ليدخل التاريخ (وفي هذا رجولة بالمعنى البطريركي أيضا)، وليتحول إلى شهيد يدخل جنة فيها حوريات في انتظاره.

هذا الطرح النظري، الذي تتبنوه وينبني على الربط بين ما هو جنساني وبين والأصولية المتشددة، هل يجد له سندا ودعما في نظريات أو أطروحات علمية مشابهة أو ترتكز على ذات التحليل أم أنه إنتاج خاص بكم؟

بكل صراحة وتواضع أيضا، هذا الربط بين الحرمان الجنسي والأصولية عبر وساطة الحرمان السكني، يمكن اعتباره "حدسا" علميا تحقق عندي تحديدا في 1989 عند إنجازي ورقة في إطار ندوة علمية دولية بألمانيا حول موضوع «المجال والمجتمع في المغرب». في الورقة التحليلية التي قدمتها، ميزت بين أربعة أنماط في العلاقة بين المجال والجنس. الأول هو النمط الرمزي بمعنى أن الأشياء المجالية المعمارية لها رمزية جنسية مثل الصومعة (التي يمكن تشبيهها بالقضيب) أو القبة (رحم). أما النمط الثاني فهو معجمي بمعني أن بعض الكلمات تحمل دلالتين، واحدة مجالية والأخرى جنسية (مثل الفرج). ويحيل النمط الثالث على التمييز بين مجال خاص بالرجال والآخر خاص بالنساء (نمط منطقوي)، وأخيرا يبين النمط الوظيفي أن الفعل الجنسي يتم في أماكن خاصة به (مثل غرفة النوم). ومن ثم سؤالي الذي جاء سنة 1993: ماذا يحدث حين لا يقوم المجال السكني بوظيفته الجنسية، أي بتمكين الفرد من إشباع رغبته الجنسية. جوابي هو شعور بالحرمان يتحول إلى تشدد في الأخلاق الجنسية وإلى دعوة إلى الفصل الصارم بين الجنسين (قصد تجنب الإثارة الجنسية).

على أي سند علمي أو نظري اعتمدتم لتدعيم جوابكم أو خلاصتكم هذه؟

بالفعل، اشتغلت باحثا عن سند نظري وسند إمبيريقي تجريبي، وهو ما قدمته في كتابي «السكن، الجنس، والإسلام». وقد استندت على فرويد الذي يرى أن الدين ما هو إلا "هوس جمعي» ينشد الطهارة من الدنس الجنسي، كما استندت على نظريات عالم النفس التحليلي ويليام رايش، الذي اشتغلت عليه كثيرا، والذي يقول إن «الصوفية ما هي إلا نوستالجيا اللاشعورية للنشوة الجنسية»، أي أن الشخص العاجز عن التوحد الجنسي الشريك يلجأ إلى التوحد مع الذات الإلهية كتعويض عن نشوة جنسية مفقودة.

بشكل أكثر بساطة، هذا يعني أن المتصوف عاجز جنسيا؟

هذه هي مقاربة رايش. وقد كتب الفيلسوف التونسي الراحل عبد الوهاب المؤذب أن «المتصوف هو امرأة الله». وأتى بمثال أبو زيد البسطامي الذي كان عاجزا جنسيا. لكن، في هذه الدراسات والمقاربات والأطروحات كلها لا نجد السكن (كعامل حرمان) ولا نجد الإسلاموية (لأن التحليل النفسي تحدث عن الصوفية المسيحية). وبالتالي، كان علي البحث عما يسند أطروحتي الخاصة الرابطة بين الحرمان السكني والحرمان الجنسي والتشدد الأصولي. وهو السند الذي وجدته غير كامل عند عالم اجتماع ألماني هو هلموت رايخ الذي بين أنه «كلما نزل المستوى الاجتماعي، كلما كبر التشدد الأخلاقي الجنسي». إنه تحليل يربط بين المستوى الاقتصادي وبين الجنس، لكن دون الارتقاء إلى الربط بين ذلك وبين الأصوليات الدينية. فالربط بين المتغيرات الثلاث، الحرمان السكني/الحرمان الجنسي/الشخصية الأصولية ربط أصيل لم يسبقني إليه أحد، ولي الشرف في وضعه لأول مرة.

-هل كنتم في حاجة فعلية لتدعيم طرحكم بأطروحات لأسماء وازنة في مجال التحليل النفسي والسوسيولوجي لجعله يكتسب الشرعية العلمية لدحض المشككين والرافضين له، علما أن الكثيرين انتقدوه بشدة وعابوا عليه أن يُقحم تعسفا الجنس في مقاربة التشدد الديني؟

من رفض هذا الطرح؟ رافضو هذا الطرح هم بالأساس بعض الأصوليين الإسلامويين الذين اعتبروا أنفسهم متهمين بالحرمان الجنسي (والذين لم يقرؤوا كتابي في غالبيتهم). أما المساندون لأطروحتي فهم كثر، لكنهم للأسف يلزمون الصمت في الفضاء العام. وفي الجامعة نفسها كنت محاصرا بسبب الموضوع وبسبب الطرح. أيضا، قلة هم الباحثون المغاربة المشتغلين على المسألة الجنسية في علاقتها بالدين، وبالاقتصاد، وبالسكن. وأعتبر نفسي الوحيد، الذي يشتغل في هذا المجال منذ سنوات. ليس لي ورثة في المجال يحملون عني المشعل ويواصلون البحث والدراسة في هذا التوجه. من جهة أخرى، وارد أني ألهمت الروائي ماحي بنبين في روايته "نجوم سيدي مومن"، ثم نبيل عيوش في فيلمه "خيل الله"، لكن لا الأول ولا الثاني يذكر كتابي كمنطلق لفكرة الربط بين الحرمانين السكني والجنسي وبين الأصولية والإرهاب, وهذا مصير اجتهادات علم الاجتماع التي يتم السطو عليها بسهولة من طرف غير المتخصصين اعتقادا منهم أنها نزلت من السماء وأنها ملك عمومي. كما أن ثقافة الاعتراف ضعيفة في المجتمع المغربي بحيث أن ذكر المراجع والمصادر ليس أمرا معمولا به في الكثير من الأحيان. ثم إن دار النشر لم تقم بالطبعة الثانية رغم نفاذ الطبعة الأولي بعد أشهر قليلة ورغم توقيع عقد خاص بالطبعة الثانية. كل هذا مؤشرات تدل على أن أطروحتي كانت مزعجة للكثير، وهي كانت مزعجة لأنها أطروحة علمية سلطت ضوءا جديدا على الظاهرة الأصولية والإرهابية.

س. وإذا، استعنت بكل الركام النظري الذي حققته بفعل البحث، وأنجزت، بالموازاة، دراسة مقارنة بفاس حول التدين والسكن همت الأحياء الفقيرة والغنية.

ج. من أبرز الخلاصات التي أفضى إليها تجريبي الميداني لأطروحتي النظرية أن مظاهر التدين والتشدد هي أكثر انتشارا بالأحياء الفقيرة مقارنة مع الأحياء الغنية. وأرجعت ذلك لغياب فضاء الزوجية الحميمي ممثلا في غرفة النوم بالبيوت الفقيرة، أو بعدم ملائمته. ومن بين الأرقام الصادمة التي أنتجتها الدراسة حينها أن نسبة 48 في المائة من البيوت الفقيرة بفاس لا تتوفر على غرفة نوم. وتضمنت الدراسة أيضا تشخيصا لأنماط النوم عند المغاربة، أي «كيف ينام المغاربة في منازلهم؟»، حيث خلصت إلى وجود 5 أنماط نوم. وشكل النوم الجمعي (كل الأسرة تنام في غرفة واحدة) ما يناهز 16 في المائة، وهو النمط الأخطر، إنه أحد مقومات المصنع الذي يعيق الحميمية ويخلق الشعور بالحرمان. والقراءة التحليلية لمثل هذه الأوضاع الشاذة تفيد أن الحجاب يعوض الجدار الغائب داخل البيت وحين النوم. وبالتالي، فالحجاب يرمز إلى الجدار المفقود داخل المنزل، والذي يحاول حفظ الحميمية. إنها بعض نتائج البحث التي حصلت عليها منذ 21 سنة والتي أصبحت حاليا شبه مسلمات بديهية، إذ تم نسيان من أتى به لأول مرة.

هل تعتقدون أن طرحكم هذا تم استغلاله وإيلاءه الأهمية اللازمة من الناحية العملية…

في ما يتعلق بالاستغلال، وفي كافة الحوارات الصحفية الكثيرة حول موضوع كيفية محاربة الظاهرة الإسلاموية والإرهابية بالمغرب، اقترحت ثلاثة حلول: أولا الحل القمعي كمقاربة أمنية أولية ضرورية، ثانيا الحل السياسي من خلال إدماج جزء من الحركات الإسلامية في اللعبة الديمقراطية ومنحها قسطا من السلطة، ثالثا الحل الاقتصادي الاجتماعي المتمثل في تمكين الطبقات الشعبية من العيش الكريم بفضل توفير السكن اللائق والمحترم لمواطنة الإنسان. بطبيعة الحال، هو طرح له كلفته المادية العالية، والتي من الصعب تحقيقه دون توزيع عادل للثروة الوطنية. ويمكن القول إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ذهبت في هذا الاتجاه من الناحية الصورية، لأنها تشتغل بتعثر كبير. أيضا، الوزارة المكلفة بالسكنى تعي أن السكن اللائق من أهم المداخل للتصدي للإرهاب والأصولية، كما أنها تعي أن عرض السكن الاقتصادي مثلما هو متوفر حاليا يستجيب للحد الأدنى من احتياجات الأسر المغربية الفقيرة، لكنه لا يغطي بالضرورة الحاجيات الحميمية.

عطفا على هذه الفكرة، وبفرض أنه تم توفير السكن اللائق الكفيل بالاستجابة للحاجة الحميمية، هل لدينا أفراد قادرون على ممارسة هذه الحميمية بنضج وبشكل سليم؟؟

في «مصنع الإسلاموية بالمغرب»، أقول إن ثنائي الزوج-الزوجة يُولد حينما نوفر له مجالا خاصا به وله، وهي بالضرورة هنا غرفة نوم مستقلة. والتمكين من الحقوق الجنسية والإنجابية يعني أولا توفير فضاء حميمي خاص. فالتربية الجنسية قد لا تفيد في شيء في ظل غياب فضاءات حامية لحميمية الثنائي الزوجي أو غير الزوجي. فعلا، لا ينبغي أن ننسى الثنائي غير الزوجي الذي لا يجد إمكانية للتمتع بالحق في الجنس في ظل مجتمع يرفض العلاقات الجنسية خارج الزواج. وهذا مشكل مطروح ولا يجب التغاضي عنه بالنظر إلى وجود شبان وشابات راغبين في ممارسة الجنس في ظل علاقات رضائية لكنهم محرومين من ذلك، أيضا لغياب فضاءات ملائمة تتيح لهم الاستمتاع بحياتهم الجنسية بشكل مرض. فالحرمان الجنسي يطال المتزوجين مثلما يطال غير المتزوجين على حد سواء بسبب عدم توفر فضاءات حميمية خاصة. وغالبا ما يُنتج هذا الوضع ما أسميه بالترقيع الجنس-مجالي، أي ممارسة الجنس في أي مكان، وهو نشاط جنسي إلى جانب كونه غير مرض وخطير للغاية إذ له انعكاسات سلبية على الشخصية.

هذه هي الطروحات التي حاولت لأن أجمع فيها بين هذه العوامل الثلاثة متمثلة في السكن والجنس والأصولية. وهي العوامل الثلاثة التي يصنع تضافرها الإرهابي. مع أني أشدد، دائما، على أن العامل الجنسي، هو عامل ضمن عوامل أخرى بخلاف ما يتم ترديده من أني أختزل ظاهرة الأصولية والإرهاب في الحرمان الجنسي. أبدا، أبدا. فالحرمان الجنسي، ومثلما اعتمدته، هو عامل له دور معين ضمن كوكبة من العوامل بصدد الإرهابي المنفذ بالأساس. في "مصنع الإسلاموية المغربية"، أتحدث أيضا عن عامل التمذهب، وأعني به اعتناق الإسلاموي المتطرف والإرهابي لقراءة حرفية للنصوص المقدسة المرجعية، وذلك تحت تأثير جماعات معينة أو بفضل الفتاوى الإنترنيتية. فدور الأسرة في غرس إسلام سمح غير مسيس قد تراجع على عكس دور المدرسة المغربية الذي تنامى في اتجاه أصولي متشدد أكثر فأكثر. فالمدرسة المغربية لا تمنح للتلميذ صورة عن الإسلام كدين متسامح يناهض العنف، بل تؤسس صراحة إسلاما يرفض الآخر في كل تمظهراته الدينية واللادينية.

عبد الصمد ديالمي : الفكر المغربي اليومي فكر متخلف ووحشي

كيف تفسرون، من موقعكم كعالم اجتماع، العنف الذي أضحى يرتكبه المغاربة، وأضحى ظاهرة آخذة في التنامي. وعلى سبيل المثال، نسوق واقعة الاعتداء على مثليين ببني ملال.. وواقعة التهجم على بيت امرأة بسلا بدعوى ممارستها الشعوذة..

تدخل العامة مسألة لا قانونية ولا شرعية. فمثلما يمنع القانون أن تُعاقب العامة الجانحين، لا يُبيح الشرع أن تقوم العامة بالتعزير/التأديب، الذي يوكل أمر القيام به إلى ولي الأمر، إلى الحاكم… ما وقع يعبر عن تخلف الفكر المغربي اليومي، الذي لا يساير لا العلوم ولا الحقوق، وهما مكسبان إنسانيان. فالعلم، من خلال منظمة الصحة العالمية ومن خلال نظرية النوع، يُبين أن المثلية الجنسية ليست مرضا ولا شذوذا، وأن المثليين لهم الحق في أن يكونوا كما هم، أي مختلفين من حيث ميولاتهم الجنسية. لا أحد يختار ميله الجنسي، لا المثلي يختاره ولا الغيري يختاره. وبالتالي يجب احترام كل توجه جنسي كيفما كان نوعه. الفكر المغربي اليومي فكر وحشي يجهل العلم ويجهل واجب عدم التمييز بين المواطنين على أساس التوجه الجنسي المثلي. من المسؤول عن أن يكون الفكر المغربي اليومي وحشيا؟ إن هذا الفكر اليومي الوحشي مرآة للتربية الأسرية والمدرسية والإعلامية، وهي تربية يوجهها الفكر الفقهي السائد الذي لم يساير بدوره لا المنطق العلمي ولا المنطق الحقوقي ولم يتكيف معهما. فهو بدوره فكر وحشي غير إنساني.

هذا في ما يهم واقعة بني ملال كيفما عكسها الهجوم على مثليين، لكن ما قولكم في الهجوم العنيف، الذي طال منزل امرأة بسلا بدعوى ممارستها الشعوذة، إذ كان بيتها محل عنف جماعي هيستيري؟

نفس التحليل ينطبق على واقعة سلا التي تعكس ذات الموقف الشعبي العنيف، لا حق للعامة أن تطبق القانون أو أن تؤدب. في نظر الفكر اليومي المغربي الذي تكتسحه تدريجيا وهابية داعشية رافضة لللإسلام الشعبي، أصبحت الشعودة بدعة وانحرافا مثلها مثل الطرقية والتصوف وزيارة الأضرحة... في هذا الإطار، من الممكن الحديث اليوم عن وجود "كنيسة" إسلامية غير مهيكلة تسعى إلى عولمة إسلام فقهي حرفي متشدد. تلك الكنيسة الإسلامية التي يمولها البترودولار تعتبر الإسلام الشعبي الثقافي إسلاما تاريخيا خائنا ينبغي أن يحارب ويقضى عليه من أجل تنقية الإسلام وتطهيره من البدع. نجد هذا التيار في المغرب بشكل مخفف في الحركة الإصلاحية السلفية، انطلاقا من أبي شعيب الدكالي وعلال الفاسي... ما هو جديد أن الموقف السلفي الإصلاحي انتقل من مستوى الفكر إلى مستوى السلوك العامي الذي يتدخل عنوة في أعراض الناس وفي حياتهم، وذلك انطلاقا من قناعة أن الحاكم لا يطبق الشريعة. وهذا أمر جديد يأتي من وهبنة ودعوشة الفكر المغربي اليومي. لكن أمام الأحكام الخفيفة أو الموقوفة التنفيذ ضد المعزرين/المؤدبين، يمكن للمرء أن يشخص نوعا من التسامح المؤسساتي، حتى لا نقول التواطؤ، مع ظاهرة تدخل العامة. فبما أن السلطات مقيدة بدستور وبقانون جنائي، وراد أنها تفوض بشكل ضمني وغير مباشر للعامة حق مهاجمة السلوكات التي تراها العامة غير شرعية بالمعنى الإسلامي. وهو الشيء الذي يمكن السلطة من تبرير ترددها وخجلها في إصلاح القانون الجنائي بما يتماشى مع حقوق الإنسان والحريات الفردية. وهو ما يوحي أيضا بضرب من التواطؤ بين قوى سياسية ذات مرجعية إسلامية وبين التعزير/التأديب الشعبي للسلوكات غير الشرعية (فقهيا) كالمثلية والشعودة. فالأحكام الخفيف ضد المعزرين بمثابة ضوء أخضر يعطى للعامة لكي تواصل القيام بمهمتها التعزيرية ولتمارس فرض إسلام متشدد يناسب المنظور الاستراتيجي للقوى الإسلاموية، ذلك المنظور الذي يتعذر تنفيذه بسبب وجود إمارة المؤمنين ودستور وقانون الجنائي.

وفي هذا الصدد، لابد من التنبيه إلى أن الفكر الفقهي المغربي هو فكر غير مجتهد البتة، بل هو جامد، لا يتحرك. وهو في حاجة لأن ندفع به نحو الاجتهاد في أمور مثل المثلية. فابن حزم قال بإمكان الحب بين رجلين أو بين امرأتين، كما أن بعض الطرق الصوفية شهدت شرعنة العلاقة اللوطية بين الشيخ والمريد. أبعد من ذلك، نجد أن سيدي علي بنحمدوش كان يلبس لباسا نسويا ولم يتزوج قط، وهو يشكل اليوم المزار الأبرز للمثليين المغاربة. ما أريد قوله هو أن المنظور الطرقي للإسلام لا يجد حرجا في الاعتراف بالمثلي ليرى فيه خليقة الله (مثله مثل الغيري) وأنه بصفته خليقة الله جدير بالحب والاحترام. على الفكر الفقهي المغربي أن يتمغرب، وأن يجتهد انطلاقا من التثاقف الذي حصل بين النص والواقع على مدى قرون طويلة. لا سبيل اليوم إلى رفض جاهز على أساس نص يعلو التاريخ، لا بد من مسايرة الانتقال الجنسي الذي يعيشه المجتمع المغربي وعدم إدراكه كفتنة أو كانحراف.

وتستلزم مسايرة الانتقال الجنسي، الذي يعيشه المجتمع المغربي، الاشتغال على دعامتين أساسيتين هما الإعلام والمدرسة. بطبيعة الحال، تلعب وسائل الإعلام دورا كبيرا في تغيير العقليات انطلاقا من المستجدات العلمية ومن المقاربة الحقوقية. صحيح أن الإعلام المرئي مقيد وتابع، لكن عليه على الأقل أن يزود المشاهد بالمعطيات الموضوعية حول الجنسانية المغربية الجديدة بقيمها الجديدة، وحول الممارسات الدينية واللادينية الجديدة، والحال أن هذا مغيب تماما عن القنوات العمومية، مما يساهم في ترسيخ فكر العامة كفكر اعتدائي وجاهل(ي) غير متنور.

أما في ما يتصل بالمدرسة، فالمناهج المتعلقة بالتربية الجنسية (المسماة تربية سكانية) قاصرة على أن تبلغ الهدف المنشود بالنظر إلى أن التربية الجنسية ليست مجرد معلومات بدائية حول الجسد ووظائفه الإنجابية وحول كيفية اجتناب الأمراض، واجتناب الحمل غير المرغوب فيه... بل هي أيضا معلومات حول الحق في الجنس وتثمين المتعة وحول تقنيات المتعة من خلال إبراز أن الجنس ليس شيئا قذرا ووسخا وليس فاحشة بقدر ما هو أساس الصحة النفسية والاجتماعية، ومصدر السعادة. هذه الرسالة الأساسية لا تُبلغ. ما يمرر هو الإفتاء بالصيام الجنسي للشبان والشابات من 12 إلى ما يفوق 30سنة أو الدعوة إلى الزواج المبكر. والحال أنهما حلان غير واقعيين في وقتنا الراهن. وبالتالي، ما يحتاجه شباب المغرب القرن الواحد والعشرين هو أن يبلغ رسالة جديدة تصدر عن فقه يحترم العلوم وحقوق الإنسان. رسالة ترتكز أيضا على نظرية النوع، التي هي جد مهمة وأساسية للغاية.

هذا يفترض مجتمعا يتمتع أفراده بنضج فكري ومعرفي، ويتملكون الحق في التصرف بالجسد والتمتع بالحقوق المتعلقة بهذا الحق... والحال أننا في مجتمع يستشري فيه الفقر بأشكاله المتعددة، الاقتصادي والفكري والمعرفي...

البداية في تغيير هذا المجتمع هي تبليغ المعرفة. وما تحدثت عنه قبل قليل يندرج ضمن تبليغ المعرفة. لأجل إحداث التغيير في العقليات والحساسيات، في الفكر اليومي، ينبغي أن ننطلق من المعرفة كخطوة أولى ضرورية. أن نمنح المعرفة العلمية حق الأولوية. من الضروري بسط المعرفة، ومناقشتها، وجعلها محركا لتغيير السلوك. الواجب الوطني يقتضي منح المعرفة لعموم المغاربة. نظرية النوع (gender) أساسية جدا لأجل تنوير الرأي العام، لأنها تقوم على مفهومين أساسيين، الأول يتعلق بتأكيدها على وجود سيطرة رجولية، الثاني يتمثل في قولها بسيادة المعيارية الغيرية. انطلاقا من هذين العمودين الفقريين للبطريركية، لا ترجع اللامساواة بين الرجال والنساء إلى دونية المرأة وإلى الاختلاف بل إلى الهيمنة الرجولية، كما أن سيادة المعيارية الغيرية (انطلاقا من التكامل البيولوجي بين الذكر والأنثى في الإنجاب) هي سبب التمييز التفاضلي بين الغيريين والمثليين.

قد يكون الأمر صحيحا وفق التأويل النظري والتنظيري.. لكن الحقائق العلمية والطبيعة تقدم نماذج تزكي الغيرية كنموذج يقبله العقل والمنطق أكثر من المثلية..

العلاقة الجنسية بين الرجل والرجل أو بين المرأة والمرأة علاقة طبيعية وإلا لكانت مستحيلة. الطبيعة تسمح بقيام هذه العلاقات المثلية، التي لا يُمكن وصفها بالشاذة إلا انطلاقا من منظور بطريركي. ويعود التمسك بالمعيارية الغيرية (على حساب معيارية محايدة) إلى الاعتقاد أن المثلية إن شاعت ستقضي على البشرية لأنها لا تمكن من التوالد. وهذا اعتقاد خاطئ لأن المثلية لن تشيع فنسبتها قارة في كل المجتمعات البشرية، إذ تترواح تلك النسبة بين 7 إلى 10 في المائة من السكان. لا يُمكننا بناء العلاقات الاجتماعية فقط على التكامل البيولوجي بين الرجل والمرأة من أجل الإنجاب لأن المتعة الجنسية أصبحت اليوم هدفا في حد ذاتها، بل الهدف الرئيسي في النشاط الجنسي. في هذا الإطار، لا بد من الاعتراف بأن هناك أقلية جنسية تجد متعتها في العلاقة المثلية. وبالتالي لا بد من الفصل بين التكامل الإنجابي بين الأنثى والذكر من جهة وبين التكامل الجنسي/العاطفي بين المرأة والرجل، أو بين الرجل والرجل أو بين المرأة والمرأة من جهة أخرى. وهذا ما يجب أن نُقدمه للأجيال الصاعدة ضمن التربية الجنسية، على الأقل لتقريبهم من معرفة نظرية النوع. المهم ليس هو قبول الطرح الجندري، المهم اليوم هو معرفته والإلمام به. المهم هو منح المعرفة كما سبق وذكرت. وأذكر، في هذا السياق، أني وجدت مقاومة شديدة عند طلبة الماستر في جامعتي فاس والرباط عند تدريسي نظرية النوع. لكن لا يهم. المهم أني بلغت معرفة، وأعرف أن تلك المعرفة تقاوم بسبب انغراس الهيمنة الرجولية والمعيارية الغيرية في اللاشعور الجمعي. لذلك أعتقد أنه من الأجدر والأجدى توفير المعرفة بنظرية النوع أولا إلى الأطفال وإلى المراهقين، في الأسر، في المدارس، وتحسيس الآباء والأمهات، وتكوين المعلمين والأساتذة بهذا الصدد. إنها النظرية التي تؤسس لمبدأ المساواة بين الرجال والنساء، وبين الغيريين والمثليين. طبعا إن كان غرضنا هو تحقيق المساواة وتأسيسها على التحليل العلمي، وليس فقط انطلاقا من تبنيها كشعار دون تفسير. إن التنشئة الاجتماعية مصنع للشخصية، لشخصية الطفل، الذي هو مثل عجين مرن يمكن تشكيله. وبالتالي، يسهل في هذه الفترة العمرية ترسيخ كافة قيم المجتمع التي نريد ترسيخها في شخصية الطفل، لتكبر معه وليكبر بها وفيها، في أفق صناعة المواطن الحق الذي نريده للمغرب. وهناك دعامات لتوفير وتقديم المعرفة العلمية المتصلة بالتربية الجنسية، فاليونيسكو مثلا أنجزت في هذا الصدد دليلا في خدمة المربيين يمكنهم من تبليغ رسائل ملائمة لكل فئة عمرية، بدءا من الطفولة الصغرى (0-4 سنوات) إلي نهاية المراهقة (15-18 سنة).

Partager cet article

Repost0

commentaires