Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
20 novembre 2011 7 20 /11 /novembre /2011 13:00

 

عبد الصمد الديالمي يشرح نظرياته في الجنس، وعلى رأسها نظرية الانتقال الجنسي،

طور أيضا مفهوم الانفجار الجنسي في المغرب

لماذا نجرم علاقة جنسية متراضية بين راشدين حين لا تخل بالحياء العام وحين لا تتاجر بالمتعة؟

- ما هو الفرق بين التحرش الجنسي، الاستغلال الجنسي والمعاكسة؟

+ المعنى الاصطلاحي للتحرش الجنسي يكمن في إرادة الحصول على متعة جنسية بفضل استغلال النفوذ في إطار علاقة مهنية، مثلا بين أستاذ وطالبة، بين طبيب وممرضة، مدير شركة وموظفة... هنا يوظف الطرف الذي له سلطة سلطته ليحصل على متعة جنسية لمجرد أنه الرئيس المتحكم في "مصير" "مرؤوسته"، وفي بعض الأحيان مقابل تسامح أو ترقية.  يحيل إذن التحرش الجنسي في معناه الاصطلاحي على الإطار المهني، ويتم فيه وبه استغلال النفوذ. أما ما يقع في الشارع فهو تحرش جنسي بالمعنى اللغوي، ومن الأصح أن نسميه معاكسة. فالرجل الذي يعاكس فتاة في الشارع لا تربطه أية علاقة سلطوية أو معرفة مسبقة بالفتاة، فهو يلتقي بفتاة بالصدفة ويخاطبها بكلمات مؤدبة أو غير مؤدبة أو بحركات أو بصفير، راجلا أو راكبا، ومهما كانت الوسيلة، فإنها معاكسة،إنه يجرب حظه مع أي امرأة لعلها تقبل. أما الاستغلال الجنسي، فيحيل اصطلاحا على توظيف جسد المرأة مقابل مال، أو للحصول على مال عند إجبار المرأة على مضاجعة آخرين بمقابل مادي. بتعبير أدق، يحيل الاستغلال الجنسي على المتاجرة بأجساد النساء (والأطفال).

- هل هنالك اختلافات بين الطبقات الاجتماعية بخصوص فهم وتمثل ظاهرة التحرش الجنسي؟

+ حينما نتكلم عن التحرش الجنسي بالمفهوم الاصطلاحي، لا تطرح إشكالية الاختلاف الطبقي لأنه يتم في إطار مهني، في كل الإدارات وفي كل المقاولات. وفي المنازل أيضا. بالإمكان مثلا أن يتحرش رب أسرة ثري بخادمة منزلية، ونفس الشيء يمكن أن يقوم به رب أسرة في طبقات اجتماعية متوسطة. أما المعاكسة، أي التحرش الجنسي بالمعنى اللغوي، فتختلف فعلا حسب المستوى التعليمي وحسب الانتماء الطبقي وحسب الحي، وتوظف فيها وسائل تختلف من طبقة اجتماعية إلى طبقة اجتماعية أخرى، تختلف المعاكسة  في طريقة الكلام وفي طبيعة الحركات أو النظرات، ويختلف اللباس كما تختلف السيارات.

- ما تأثير التحرش الجنسي والمعاكسة على استقرار المجتمع؟

+ التحرش والمعاكسة شكلان من أشكال العنف ضد المرأة حسب حركة حقوقية ونسائية ترى في هذا العنف عنفا أساسه النوع الاجتماعي (الجندر)، بمعنى أنه يعكس الهيمنة الرجالية في المجتمع الأبيسي. ويتخذ هذا العنف أشكالا متعددة، لغوية (مثل الشتم) وجسدية (الضرب) وجنسية (معاكسة، تحرش، اغتصاب) واقتصادية (منع المرأة من العمل أو الاستيلاء على أجرها) وثقافية (إجبارها على وضع الحجاب أو على التزوج من شخص لا ترغب فيه)... إن العنف سلاح في يد الرجل داخل نظام أبيسي لمراقبة المرأة واستغلالها بشكل عام، طبعا هذا عائق في وجه تحرر المرأة وتنميتها وهو خرق لحقوق المرأة كحقوق إنسان.

في مقابل التحرش، طورت مفهوم الرشوة الجنسية، وأقصد بها توظيف المرأة لجمالها للحصول على شيء لا تستحقه، خدمة أو نقطة جيدة...

- إذا قلبنا الصورة وتحرشت المرأة بالرجل هل تستقيم نفس المفاهيم؟

+ نعم إذا كانت المرأة رئيسة و في يدها السلطة ودعت رجلا إلى الممارسة الجنسية وكان يخضع لسلطتها، فهذا يسمى أيضا "تحرش جنسي". المرأة هنا مثلها مثل الرجل لأنها تستغل نفوذها وتتحرش بمرؤوسها. وهذا نادر. أيضا من النادر أن تمارس المرأة المعاكسة في الشارع، إن المعاكسة عنف رجالي بامتياز إلى حد الآن.

- ألم ترق القوانين المغربية بعد لتجريم المعاكسة؟

+ في المغرب تم إصلاح القانون الجنائي في سنة 2003 لتجريم التحرش الجنسي في معناه الاصطلاحي، أي تجريم استغلال النفوذ الإداري لأغراض جنسية، أما المعاكسة في الشارع فليست مجرمة بعد، ولهذا السبب تضغط الحركة النسائية قصد تجريمها. تعبت النساء من المعاكسة في فالشارع لأنها مس بكرامتها ولأنها تريد أن يفهم الرجل المغربي أن الشارع ملك لها أيضا بالمساواة مع الرجل. في المغرب، لا زال الرجل يعتبر وجود المرأة في الشارع استفزازا له، وهذا منطق "أبيسي" آن الأوان للتخلص منه.

- ألا ترون بأن بعض النساء بلباسهن المثير في الشارع تشجعن على ظاهرة المعاكسة؟

+ هذه ذريعة يوظفها الإسلامويون لكي يقولوا للمرأة عليك أن تحتجبي إذا أردت أن تكوني في الشارع، لكن الدراسات السوسيولوجية تبين كلها أن جميع النساء بدون استثناء المحجبات وغير المحجبات عرضة للمعاكسة. وهنا ينبغي القول أن من الحقوق الأساسية للمرأة هو أن تتواجد في الشارع، لأن الفضاءات العمومية ملك للرجال والنساء بالمساواة دون قيد أو شرط، كأن نربط تواجدها في الشارع بلباس معين. على العكس من ذلك، المطلوب هو تربية النظر، نظر الرجل إلى المرأة. ليس من حق الرجل النظر إلى المرأة أو الحكم على لباسها، من حقها أن تلبس كيف تشاء، ذلك من صميم حريتها. إن النظر المتفحص في جسد المرأة وفي لباسها ضرب من العنف الرجالي. ما الذي يعطي الحق للرجل في النظر إلى المرأة؟ الأخلاق الإسلامية نفسها تقول "النظرة الأولى لك، والثانية عليك"، بمعنى أنه ليس من حق الرجل أن يتفحص النظر في المرأة، احتراما لها ولحريتها. لا حق للرجال (وحدهم) في تنظيم الفضاء العمومي، لا بد من إشراك المرأة الحداثية في تنظيم فضاء عمومي حداثي. لذا، تطالب الحركات النسائية بتجريم كل أشكال العنف التي تريد الحد من حرية المرأة. النساء خرجن للعمل وتتواجدن في كل الفضاءات والأمكنة، في المقاولة، في سيارة الأجرة، في الحافلة، في الشاطئ، في الغابة، في الجامعة، في المستشفى، في السينما، ولا يمكن الاستمرار في تنظيم هذا التواجد بمنطق أبيسي متخلف... من حق النساء استغلال كل الأمكنة العمومية، هذا حق أساسي لتطوير مجتمعنا نحو مجتمع حداثي يقوم على المساواة بين الجنسين (في الحقوق) رغم الاختلاف البيولوجي بين الجنسين. على الرجال أن يقتنعوا بأن تواجد النساء في الأماكن العمومية حق أساسي من حقوق المرأة، وأن إرادة التعبير عن الجمال في الفضاء العام حق أساسي أيضا وتدخل في صميم الحريات الفردية. المطلوب من الرجال الارتقاء إلى أخلاق مدنية حضرية وحضارية تجعلهم قادرين على ضبط النظر وعلى التصرف كمواطنين وليس كحيوانات.

- لكن الرجل من الناحية السيكولوجية يمتلك غريزة جنسية تكبر مع النظر أما المرأة فتتم إثارتها جنسيا من خلال السماع أي كلام الغزل، ربما من حيث هذه الاختلافات النفسية، تعتبر المرأة الشبه عارية أو التي تظهر بعض مفاتنها مستفزة لمشاعر الرجل؟

+ هذه سيكولوجية أبيسية بامتياز تعتبر الرجل حيوانا ينتصب ذكره كلما رأى أنثى، وتعتبر المرأة عورة ينبغي سترها وكائنا غير مهتم بمظهر الرجل. لم تعد هذا السيكولوجية صالحة اليوم لفهم السلوك الجنسي عند الرجل وعند المرأة. لا يتصرفان من حيث هو إنسان لا يتصرف حسب الغريزة. نفس الشيء بالنسبة للمرأة. اليوم، لا بد من إغراء متبادل ومتساوي، بالسماع وبالنظر وبالرائحة، بكل الحواس... المال الرجالي لا يكفي لوحده إلا مع العاملة الجنسية. واليوم هناك موجة كبيرة تبين أن الرجل الحداثي يهتم بمظهره وبجماله لكي ينال الرضا، لكي ينجح مع النساء. العلاقة الجنسية في المجتمع الحداثي تنبثق عن رضا متبادل، إذا لم يتوفر شرط الرضا تكون العلاقة غير أخلاقية، وتتحول إلى اغتصاب وهو الشكل الأقصى للعنف. لا يمكن الاختباء بالغريزة الحيوانية الذكورية المزعومة لنمنع النساء من حرية اللباس ومن التواجد في الشارع ومن المشاركة، فالمرأة لها اليوم الحق في التواجد في المال، في المعرفة وفي السلطة ، وهي حقول رساميل ثلاثة احتكرها الرجل لقرون وساعدته على الإغراء... أكثر مما ساعده الغزل... أليست المرأة أجمل حين تشارك في المال وفي المعرفة وفي السلطة؟ كيف يمكن أن تشارك في هذه الحقول مع تقييد حريتها في الفضاء العام، ومع الاستمرار في اعتبارها عورة يجب سترها؟

- ألا يطرح الرضا أو القبول بين الطرفين، إشكالية المعاشرة الجنسية الغير مؤطرة بشكل قانوني وديني، وبالتالي يطرح صعوبة ضبط العلاقات الجنسية في المجتمع، وهو ما بات ظاهره مقلقة في الدول الغربية مع انتشار ظاهرة "البوي فريند" و"الكورل فريند" وغيرها؟

+ الرضا بين الطرفين، أي غياب العنف والإكراه، يؤسس العلاقة الجنسية الأخلاقية في المنظق الحداثي. كل علاقة جنسية  قائمة على القبول بين الطرفين علاقة قانونية ولا تخلق أي بلبلة في المجتمع الحداثي.  فأساس الحداثة هو الفرد وحريته، إنه مركزها.

- معنى هذا أننا سنشهد في المغرب تحولا إلى علاقة "البوي فريند"؟

+ هذه ظاهرة موجودة اليوم وهي إحدى تجليات الانفجار الجنسي الذي بنيته كمفهوم. من بين معاني الانفجار الجنسي، عجز إطار الزواج عن استيعاب كل الممارسات الجنسية التي تحصل في المغرب. كثرت الممارسات الجنسية غير الزوجية إلى درجة أنها فجرت الزواج كإطار مرجعي، معياري وعملي في الوقت ذاته.  هذا الانفجار الجنسي في تجلياته المتعددة واقع قائم اليوم، نعيشه بشكل واضح رغم لا قانونيته، مما يعني أن هناك طلاق بين القانون الذي يجرم والواقع الذي يبيح، بتعبير آخر، واقعنا متقدم على قانوننا، سواء في صيغته الجنائية أوفي صيغته الفقهية.

- كيف إذن يمكن التعامل مع العلاقة الجنسية المتراضية غير القانونية؟

+ حاليا، العلاقة الغير الزوجية مجرمة فقها وقانونا، لكن تجريمها متخلف عن الواقع. حين يتفق رجل وامرأة غير متزوجين على المتعة الجنسية المتبادلة دون المس بالحياء العام ودون توظيف مال، لماذا سنجرمهما؟ مثل هذه العلاقات في المغرب في تكاثر مستمر، مما دفعني إلي إرادة فهمها كعالم اجتماع دون تقييمها. في هذا الإطار، أسست نظرية سوسيولوجية بسطتها في كتابي الذي نشر سنة 2009 (في بيروت، دار الطليعة)، عنوانه "سوسيولوجيا الجنسانية العربية".

- ماذا تقول هذه النظرية؟

+ أسميتها نظرية "الانتقال الجنسي"، مفادها التمييز بين ثلاثة مراحل كبيرة في العلاقة بين الجنس والدين:

* تتميز المرحلة الأولى بكون المعايير الجنسية دينية وبكون السلوكات الجنسية دينية أيضا (أي زوجية بالأساس).

* المرحلة الثانية: تتميز باستمرار دينية المعايير الجنسية وبعلمنة السلوكات الجنسية، بمعنى أنها تخضع لأخلاق مدنية.

* المرحلة الثالثة: ميزتها علمنة المعايير الجنسية وعلمنة السلوكات الجنسية، مما يعني استقلال الحقل الجنسي (كحقل عمومي تنظمه الدولة) عن الدين. وهي مرحلة بلغها الغرب، هناك، المعايير الجنسية (العمومية) معلمنة والسلوكات الجنسية معلمنة كذلك، مع الاحتفاظ للفرد بحقه في تبني معايير وسلوكات جنسية دينية في حياته الخاصة دون أن يسعى إلى تحويلها إلى نظام عام. الدولة المدنية لا تعمل بالقوانين الدينية لأنه لا يمكن فرض هذه القوانين على كل المواطنات والمواطنين.

المغرب يتواجد في المرحلة الثانية والتي أسميتها بـمرحلة "الانتقال الجنسي". فنحن في طور انتقال جنسي، لدينا معايير جنسية دينية "أبيسية"، أما السلوكات الجنسية فبدأت تنسلخ عن الدين، الدين مثله مثل الزواج أصبح عاجزا عن استيعاب كل السلوكات الجنسية التي تميز المجتمع الحداثي. إذن، لدينا ظاهرة "البوي فريند" و"الكورل فريند" كمظهر من مظاهر الانفجار الجنسي. هنالك عوامل كثيرة تتحكم في هذا التحول وأجمل كل ذلك في عبارة "التحديث الجنسي"، الجنس عندنا أيضا في طور التحديث، لماذا نقبل الحداثة السياسية والفكرية والاقتصادية... ولا نقبل الحداثة الجنسية؟ لماذا نعتبر التحديث السياسي (الديمقراطية) شيئا إيجابيا ونعتبر التحديث الجنسي (أخلاقية العلاقة الجنسية الراشدة المتراضية) شيئا سلبيا؟ إن الحداثة نظام واحد يشمل ويسري على كل قطاعات الحياة العامة... في بلادنا تحديث الجنس متعثر مثله في ذلك مثل التحديث السياسي، بل هو متعثر بسبب تعثر التحديث السياسي.

- هل وضعتم لهذه النظرية محددات زمنية؟

+ من الصعب أن نحدد لها زمنا لكننا يمكن أن نقول بصفة عامة أن المرحلة الأولى أي دينية المعايير والسلوكات  الجنسية تحيل على ما قبل الحداثة، أما حين ندخل إلى حداثة حقيقة فإننا سندخل في المرحلة الثالثة، أي سنبلغ مرحلة علمنة المعايير والسلوكات الجنسية، في المغرب لم ندخل بعد مرحلة حداثة حقيقية، لا زلنا متعثرين، الانتقال يطال الحقل السياسي والاقتصادي والفكري، ويطال طبعا الحقل الجنسي أيضا.

 +++++++++

 

 

Partager cet article

Repost0

commentaires