الفصل الأول
موقف الإسلام من المرأة والجنس: مسألة قراءة
إن طرح قضية المرأة والجنس أمر يحتم على كل باحث مغربي إن يتطرق إلى موقف الإسلام، وذلك اعتقادا منه بأن وضعية المرأة في المغرب تتحدد بدرجة كبيرة انطلاقا من الإسلام، أو وعيا منه بأن إدماجها في العصرنة لا يمكن إن يتجاهل الإسلام. ومن ثمة تطرح الأسئلة التالية على بساط البحث والجدال: ما موقف الإسلام من المرأة والجنس؟ هل حرر الإسلام المرأة؟ هل يتعارض الإسلام ومفهوم المساواة بين الرجل والمرأة ؟ ما موقف الإسلام من الثورة الجنسية المعاصرة ؟
مواجهة هذه الأسئلة تعني الدخول في حرب النصوص. معنى ذلك إن كل باحث يبرز مواقفه بالرجوع إلى نصوص قدسية معينة، فيقوم بإبرازها وبتفسيرها وبتأويلها طبق اتجاهاته وأغراضه. ويتوصل كل باحث إلى تقديم الصورة "الحقيقية" للإسلام " الحقيقي"، مقتنعا بأن تفسيره هو التفسير الصحيح في حين إن تفاسير الآخرين تفاسير خاطئة ومغرضة.
قليلا ما يعي الباحث إن ذلك الإسلام الحقيقي الذي يتحدث عنه ما هو في نهاية الأمر سوى تصوره الذاتي حول الإسلام، فنادرا ما يعترف أن موقفه مجرد قراءة تحددها ظروف ذاتية وموضوعية مستقلة عن إرادته وعن وعيه في غالب الأحيان. عدم الوعي بذلك التحديد، وبتلك النسبية الناتجة عن المنظور المتبنى، هو ما يؤدي بالكثير من الباحثين إلى التصلب وإلى التزمت ، وفي بعض الأحيان إلى تكفير البعض للبعض. عدم الوعي بهذه النسبية هو ما يقود إلى مواقف متصلبة تجعل الإسلام نظرية ذكورية تارة، أو تجعل منه نظرية نسائية ليبرالية تارة أخرى. الاختلاف إذن والتناقض هو ما يطبع العلاقة بين قراءات الإسلام، وبالتالي ما يميز المواقف الإسلامية تجاه قضية المرأة والجنس.
عباس محمود العقاد مثلا يرى إن الإسلام قد قدم للمرأة في القرن السابع الميلادي أكثر ما يمكن تقديمه: القرآن أسمى تشريع في تاريخ المرأة . "فالحقوق والواجبات التي قررها كتاب الإسلام للمرأة قد أصلحت أخطاء العصور الغابرة... وأكسبت المرأة منزلة لم تكسبها قط من حضارة سابقة... وجاءت آداب الحضارات المستحدثة على نقص ملموس في أحكامها ووصاياها"[1]. ومن ثمة يمكن القول إن تاريخ المرأة قبل الإسلام تاريخا تصاعديا وصل نهايته وذروته مع التشريع الإسلامي النسائي. وبالمقابل، فإن تاريخ المرأة بعد الإسلام ما هو إلا ابتعاد عن النموذج الإسلامي، بمعنى إن التقدم في التاريخ الزمني الواقعي سير في طريق الانحطاط. ونجد نفس الفكرة عند علال الفاسي حيث يقول. "والواقع أن حقوق المرأة المسلمة المدنية تفوق حقوق كل امرأة في مختلف القوانين والحضارات القديمة والمحدثة([2]). وقد كانت هذه الحقوق واقعا ملموسا وتشريعا مطبقا، "فكانت المرأة في عصر الارتقاء العربي محترمة مهابة الجانب"([3])... لكن الأزمنة اللاحقة لم تحتفظ للمرأة بالمكانة الرفيعة التي خصصها الإسلام لها، "فأصبحت في عهد الانحطاط بمثابة الخادمة المضطهدة المغمورة في وسط الجواري والحريم… لم يعد هنالك أكثر من الوازع الجنسي والانغمار في الترف، فأدى ذلك إلى النظرة للمرأة على إنها رمز للاحتيال والخديعة وأحط الغرائز وأسفل العواطف"([4]).
إن القرآن الذي شكل ذروة التاريخ البشري لا يمكن إن يتضمن الخطأ، رغم مظاهر التناقض والحيف. فجاء كتاب العقاد محاولة لإعطاء أحكام القرآن وتصوراته أسسا علمية وشواهد تاريخية. والهدف من ذلك هو تفسير تلك المظاهر اللامنطقية واللاعادلة، وبالتالي إضفاء صبغة العقل والمنطق عليها. مهمة الواقع هي أن يسخر لإثبات صدق النظرية القرآنية.
من بين مظاهر الحيف، تلك الدرجة التي فضل الله بها الرجال على النساء([5]). يذهب العقاد إلى إن تفضيل الرجل (الدرجة، القوامة) يرجع أولا وقبل كل شيء إلى الفطرة، ثم إلى واجب الإنفاق على المرأة. ومرجع هذا الواجب ليس الظروف الاجتماعية التاريخية التي نزل فيها القرآن، وإنما هو " واجب الأفضل لمن هو دونه فضلا"([6]). إن الرجل أفضل بذاته وفي ذاته، "وحكم القرآن الكريم بتفضيل الرجل على المرأة هو الحكم البين"([7]).
إن التقسيم الجنسي للعمل جعل المرأة تختص في الطهي والتطريز وصناعة الملابس، وفي التزيين والرقص. ويدل هذا التخصص على تفوق المرأة في هذا الميدان. لكن ملاحظة الظواهر الاجتماعية والتاريخية تبين العكس، " فبعد توارث هذه الصناعة آلاف السنين، لا تبلغ (المرأة) فيها مبلغ الرجل الذي يتفرغ لها بضع سنوات، ولا تجاريه في إجادة الأصناف المعروفة" ([8]).
تفضيل القرآن للرجل موقف سليم بالنظر إلى طبيعة تكوين الجنس كذلك. أليس من العدل إن يوضع الجنس الذي يريد، والذي يغتصب، والذي يتعارك، في المكان الأفضل؟ أليست الإرادة، والضرورة، والتسلط أدلة بيولوجية على تفوق الرجل ؟ "اعتراء الفصد المرأة كل شهر" ، اشتغالها بالحمل تسعة أشهر، إدرار لبن الرضاع عامين، كل هذا يبين إن الطبيعة (الفطرة) هيئت للمرأة مكانة دونية وتابعة. كل هذه الأدلة تبين إن القرآن في استمرارية مع منطق الطبيعة، ومع قوانين التاريخ، وبالتالي، فإن الدرجة الفاصلة ليست موقفا أو رأيا، إنها مجرد تسجيل للواقع، ولا مجال إذن لتعدد المذاهب والنظريات.
موقف العقاد موقف واضح من قرآن واضح: القرآن يقر أفضلية لا شرطية للرجل، والعقاد يقر مصداقية لا شرطية للقرآن ! أفضلية الرجل أفضلية أنطولوجية لا دخل للتاريخ في تأسيسها... أو في زوالها.
عند قراءة العقاد، يظهر الإسلام بمظهر النظرية الذكورية المناهضة لكل طموح نسائي ولكل مطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة. والعقاد واع تمام الوعي بهذا البعد الذكوري البطريركي الذي يسدله على الإسلام دون إن يخلف لديه ذلك شعورا بالذنب، أو شعورا بالتخلف، أو شعورا بمجانبة الحقيقة والتاريخ. على العكس من ذلك، نجده يعتبر قضية المرأة من خلال الطرح النسائي شيئا دخيلا على الإسلام وعلى خصوصية المرأة الشريفة: " تسلمنا – في الشرق – قضية المرأة حيث إنتهت في الغرب بعد تاريخ طويل يخالف تاريخنا في مطالعه ونهايته، كما يخالفه في مجراه… ظفرت المرأة الغربية ببعض الرعاية منذ القرن التاسع عشر… لم تظفر بتلك الرعاية لأنها حق تملكه المرأة في كل بيئة، بل كان ظفرها بها ثمرة لنزاع طويل على الحقوق المهضومة... هذه المرأة ليست بالمرأة المسلمة ولا بالمرأة الشرقية، في ماضيها وفي حاضرها، ولا في مستقبلها"([9]). ولا يقف الشعور بتاريخ خاص عند حد ذاته، وإنما يزود العقاد بالشعور بالتفوق، فالمرأة المسلمة "لا تتقاضى حقا ولا تتلقى واجبا من مخالب الفتنة الجامحة ولا من براثن المصنع الشحيح، وإنما هي صاحبة هذه الحقوق العادلة وهذه الواجبات لأنها من خلق الله، على قسطاس المساواة العادلة بين الحقوق والواجبات"([10]) . قضية المرأة قضية دخيلة على الإسلام وعلى العالم الإسلامي اليوم، نظرا لكونها قضية عولجت بطريقة نهائية في التشريع القرآني. المشكل يكمن فقط في ضرورة تطبيق التعاليم الإسلامية واحترامها في الواقع، دون اعتبار ذكوريتها مظهرا من مظاهر القمع والاستغلال والتخلف.
في مقابل هذه القراءة النصية اللاتاريخية للقرآن والتي تقف عند معناه الظاهر، يمكن العثور على قراءات أخرى تفهم نفس النصوص فهما لا ذكوريا يتجه نحو إقرار المساواة بين الجنسين. إن أفضلية الرجل تصبح من خلال هذا المنظور طرحا مرتبطا بالبنيات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الموروثة عن المجتمع البطريركي الجاهلي. وبالتالي، تغدو هذه الأفضلية نشازا أخلاقيا في بنيات تاريخية مغايرة، تقضى على الأساس المادي لسيطرة الرجل على المرأة. من هنا، تتجلى ضرورة ربط التصور القرآني الذكوري بالظروف الاجتماعية المحيطة بنزول القرآن، حتى لا تتحول الذكورية القرآنية إلى قضية أنطولوجية وإلى حكم نهائي.
ويعني تبنى الموقف التاريخاني من النص المقدس تغيير منهجية التأويل والقراءة. والواقع إن التبرير الأخير لهذا التغيير لا يرجع إلى أسباب نظرية ومعرفية محضة بقدر ما يرجع إلى إرادة تقريب القرآن من روح المساواة بين الجنسين، باعتبارها قيمة تستجيب لحقوق الإنسان.
إن المعاني السائدة لعبارة " قوامون" القرآنية هي : السلطة، التفوق، الأولوية. وبديهي إن كل هذه المعاني تحتفظ بالأفضلية للرجل، وبالذكورية للقرآن. لذا، ينبغي تجاوزها. أفلا يجوز في نظر محمد عزيز لحبابي([11]) إن نختزل القوامة في وظيفة التكليف؟ "الرجال قوامون على النساء" آية تعني فقط أنهم مكلفون بهن من حيث واجب الإنفاق. ولا يرجع هذا الواجب إلى أفضلية ملازمة لذات الرجل، وإنما يعكس فقط مستوى تطور العلاقات الاجتماعية عند نزول القرآن. إضافة إلى ذلك، كان من الصعب إن يقر الإسلام دفعة واحدة بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، في حين إنه "لم يسمع قبل إن حركة أو حتى أفكارا كانت تتجه لإعطاء حق للمرأة بصفتها ركنا للعمران ونصف الرجل في الحياة. فكان موقف الإسلام إزاء ذلك صعبا ودقيقا، بل من أدق ما اعترض الإسلام من شؤون" ([12]). كان إذن لا بد من الاحتفاظ بامتيازات للرجل، تماشيا مع الأعراف القبلية ومراعاة للرجل كقوة حربية ضرورية لإنتشار الإسلام. يجب الاعتراف للإسلام بنوع من الشجاعة حين أقدم، في ظل هذه الظروف، على منح المرأة حقوقا شرعية ومدنية. فهذه الحقوق التي أقرها الإسلام، رغم جزئيتها، أحدثت ثغرة هامة في الاقتصاد البطريركى القبلي من جهة، وفي التصور الذكوري من جهة أخرى. يتجلى من هنا إن احترام الواقع (من أجل تغييره) كان هاجسا أساسيا ومؤسسا للمنظور الإسلامي، حيث إنه فرض التغيير التدريجي عوض القطيعة الجذرية والكلية في التعامل مع الواقع. ومن ثمة يتوجب على المفسر المعاصر إن يحترم روح الواقع حتى لا ينتهي إلى تناقض بين تعاليم ومفاهيم قرآنية ثابتة وبين معطيات تاريخية متغيرة.
احترام المنهج التاريخي يوجب عدم إعطاء قيمة مطلقة للمعنى الظاهر في الآيات القرآنية. في هذا الإطار، يمكن القول بأن القرآن يستعمل مفهوم "الدرجة" لتفضيل الرجل في وضعية دقيقة ومعينة، وهي حق الرجل في إرجاع زوجته بعد الطلاق، لأنه المسؤول والفاعل المباشر للطلاق. وخير دليل على مشروعية هذا التأويل إيراد عبارة "وللرجال عليهن درجة" في سياقها العام : " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، ولا يحل لهن إن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الأخر، وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا. ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف، وللرجال عليهن درجة. والله عزيز حكيم. الطلاق مرتان. فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"([13]). واضح من هذا النص المقدس إن عبارة "درجة" مسبوقة بحديث عن الطلاق، وعن حق الزوج في رد زوجته، ومتبوعة بحديث عن الطلاق كذلك، أليس هذا دليل على إن درجة التفضيل مقيدة ؟ أيجوز بعد ذلك إن نعتبرها قضية أنطولوجية ؟ أو تصورا حول طبيعة العلاقة بين المرأة والرجل بغض النظر عن الواقع التاريخي؟ ألا يفضي تغيير حيثيات الطلاق، تماشيا مع روح المساواة، إلى القضاء على تلك الدرجة الفارقة؟ هل في هذا التدرج نحو علاقة عادلة بين الرجل والمرأة خروج عن الإسلام ؟ من هنا يظهر إن الخطر ناتج عن اعتبار النص القرآني الظاهر فلسفة مكتملة ونهائية لتنظيم العلاقة بين المرأة والرجل. إن خضوع فهمه وتأويله للواقع هو الشرط الوحيد لضمان خلوده وصلاحيتـه العبر- تاريخية Transhistorique .
نفس الإشكال، نفس الاختلاف، نفس التناقض نجده عند مواجهة قضية الجنس والإسلام. ومرة أخرى، يكمن الخطأ في الاعتقاد بأن للجنس Sexualité مكانة ثابتة في الإسلام أو إن للإسلام نظرية قارة حول الجنس. مرة أخرى، يجب التذكير بأن مكانة الجنس في الإسلام، وبأن النظرية الجنسية الإسلامية ظواهر تاريخية، بمعنى إنها قضايا تتحدد إنطلاقا من قراءات معينة للنص القرآني، استجابة لغائيات معينة ومتغيرة.
في نظر عبد الوهاب بوحديبة([14])، يشكل النشاط الجنسي البشري حالة عينية من قانون الجماع كقانون شمولي وكوني. ومن ثمة، أخذه القرآن بعين الاعتبار، ورأى فيه فعلا يقرب الإنسان من الله لأنه يستهدف التعمير والحفاظ على النوع. النشاط الجنسي جإنب هام من النشاط الإنساني، الشيء الذي لا يسمح بتجاهله أو بكبته. لذلك أخذ القرآن على عاتقه تنظيم وتقنين هذا النشاط، لا لكونه يضمن التعمير فحسب، وإنما لكونه يشكل، كمتعة، هدفا في حد ذاته. "فمحمد نفسه أعطاهم (فقهاء، قضاة، شيوخ) المثال، حيث كان يحرض أتباعه على التعاطي للجنس، وعلى الملاعبات، وعلى مجون الجسد والخيال"([15]). أليـس وجود علم الباه في الحضارة العربية الإسلامية ، كعلم سني ، دليل وتجسيد لتقبل المتعة الجنسية من طرف الإسلام ؟ أليست الجنة مكان الذروة الجنسية اللامتناهية l’orgasme infini ؟ ([16]). النشاط الجنسي إذن نشاط مباح بل ومشجع، بعيد عن مفهوم الخطيئة أو الإثم. وبالتالي فإن "القذارة" لا تنتج عن الفعل الجنسي بقدر ما تنتج عما ينتج عن الفعل الجنسي من منى أو سيلان أو دم . هكذا تغدو "القذارة" حالة فيزيائية عابرة لا علاقة لها بالأخلاق أو بالمعنويات، تتجاوز بعد الغسل حتى يحصل المؤمن من جديد على حالة طهارة تمكنه من العبادات. من هنا يتبين إن الطهارة لا تعني الإمساك الكلي والمستمر عن ممارسة الجنس، كما إن القذارة ليست مقترنة بالفعل الجنسي في حد ذاته، وإلا لما كان التحاور مع المقدس – من خلال الصلاة والصيام وتلاوة القرآن مثلا – مسموحا به للمؤمن الناكح. إن هذا التقبل للفعل الجنسي لا يتم في الواقع إلا داخل مؤسسة النكاح، في حين يعتبر نفس الفعل وطئا أو زنا، أي من الفواحش الكبرى، إن تم حدوثه خارج حدود النكاح الشرعية والمقدسة. "إن النكاح، حسب تعبير بوحديبة، يضفي على الفعل الجنسي نبلا فيزيائيا، واجتماعيا، وعاطفيا، وروحيا"([17]). لكن لا يعني هذا إن النكاح ينحل في نهاية الأمر إلى تبرير الفعل الجنسي، وإلى إمداد هذا الأخير إطارا شرعيا. إن النكاح في حقيقة الأمر تجاوز للفعل الجنسي، إنه "الجماع المتسامى"[18](coït transcendé)، من حيث هو وضع لقوانين، ولمحرمات، ومن حيث هو دخول في النظام القدسي . وفعلا، أليس النكاح أساس الإحصان ؟ أليس الزواج نصف الدين؟ أليس الزواج تحديدا لقواعد الميراث؟ علاوة على ذلك، يطور النكاح روح الجماعة ويحتم الخروج من العزلة وإقامة علاقات مع الآخرين. طبعا لا يمكن اختزال النشاط الجنسي في النكاح، لكن الإسلام حسب بوحديبة، يرفض كل الأشكال الجنسية اللاشرعية (الوطء / الزنا) واللاطبيعية (استمناء، اللواط، السحاق). فالأولى خرق لقوإنين الأمة ووقوع في الفتنة والفوضى، وأما الثانية فهي عدم احترام للحدود الجنسية المقدسة بين الرجل والمرأة. حقا، يشكل الزنا فوضى بالنظر إلى الفعل الجنسي المؤسستي institutionnel ، لكنه يبقى مع ذلك في حدود النظام الإلهي. إنه فوضى في النظام لأنه لا يخرج عن النظام الأساسي الكوني، عن القطبية الثنائية، قطبية الرجل والمرأة. ومن ثمة، "فإنه ليس نكاحا مضادا، إنه نكاح غير صحيح"([19]). خلافا لذلك، يجب النظر إلى اللواط وإلى الاستمناء وإلى ممارسة الجنس مع الحيوان أو مع الميت على إنها أشكال نكاح مضاد باعتبارها رفض لمعطيات الطبيعة وللإرادة الإلهية. "إن الانحراف الجنسي تمرد ضد الله" ([20]) حسب بوحديبة.
انطلاقا من هذا التقديم "لإسلام بوحديبة"، يمكن القول إن للإسلام موقف إيجابي بصدد الفعل الجنسي يمكن تلخيصه في النقط التالية :
- النشاط الجنسي نشاط مشروع في إطار النكاح.
- النشاط الجنسي المؤسسي غير مقترن بالخطيئة.
- النشاط الجنسي المشروع احترام للحدود الجنسية المقدسة الفاصلة بين الرجل والمرأة
-
إن تحديد النظرية الجنسية الإسلامية بهذا الشكل الإيجابي، حسب اعتقاد بوحديبة، يقود هذا الأخير إلى تبني المنطق السلفي الثنائي. فالنظرية الجنسية الإسلامية، كما سبق تحديدها، غير مسؤولة عن الاستغلال الجنسي الذي خضعت إليه المرأة في المجتمعات الإسلامية، كما إنها لا تبرر بحال من الأحوال تطور الزنا والبغاء وانتشار الأشكال الجنسية المنحرفة داخل المجتمعات المذكورة. إن حدوث هذه الظواهر في تاريخ الجنسانية الإسلامية لدليل على عدم احترام المسلمين تعاليم الإسلام الجنسية. "إن الإنسان الساذج – أو ذي النية السيئة – هو الوحيد الذي يستطيع، في رأي بوحديبة، إن يندهش عن التفاوت الموجود في كل مجتمع بين مثله العليا وبين استعمالها. وليست المجتمعات العربية الإسلامية استثناءا. فالمبادئ التعادلية والديمقراطية الجميلة في الإسلام الأصلي بقيت أحيانا مجرد نيات حسنة. ولم يخل المجتمع العربي الإسلامي لا من التفاوتات ولا من النزعة الأرستقراطية ولا من الفيودالية. لذا، فإنه من كامل المعقول – قبْليا – أن يفضي التصور الرومانسي للحياة في الإسلام إلى مجتمع يتصنع الحشمة والتحفظ"([21]). من هنا، تبدو الثنائية بوضوح: نظرية جنسية إسلامية إيجابية / ممارسة جنسية "إسلامية" سلبية – نموذج إيجابي / تاريخ سلبي. لا شك إن مفهوم القطعية / الخيإنة يحتل في هذه النقطة بالذات، مكانة نظرية مركزية.
خلافا لهذا الموقف الذي يبرأ الإسلام كنص نموذجي مقدس من الاستغلال الجنسي للمرأة، تذهب فاطنة آيت الصباح ([22]) إلى الموقف المضاد تماما، أي إلى اتهام النموذج الإسلامي نفسه من جهة، وإلى القول باستمرارية عميقة بين ذلك النموذج الممجد وبين الواقع التاريخي المتهم. إن استغلال المرأة الجنسي لا ينتج عن سوء تطبيق تعاليم الإسلام، إنه على العكس من ذلك امتدادا لها. وبالفعل، تقر فاطنة آيت الصباح بتشييئ القرآن للمرأة حين نقرأ مثلا : "زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطر المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والإنعام والحرث. ذلك متاع الحياة الدنيا. والله عنده حسن المئاب"([23]). في هذه الآية، توضع المرأة في مستوى الخيرات المادية (الذهب والفضة)، وفي مستوى الحيوإن (الخيل والإنعام)، وأخيرا في مستوى النشاط الزراعي (الحرث). هذه التسوية بين المرأة وبين الأشياء والحيوإن تظهر جليا في استعمال عبارة "متاع الحياة الدنيا". أيجوز، بعد تحديد المرأة كشيء([24])، التحدث عن فعل جنسي؟ "في العالم البطريركى، تجيب آيت الصباح، لا يشكل الفعل الجنسي فعلا يجمع بين عشيقين يتمتعان معا بالإرادة، إنه فعل يستمني (se masturbe) خلاله كائن بشري واحد بشيء (avec un objet)، بالمرأة التي كثيرا ما تقارن بأشياء جامدة وتصنف ضمن الممتلكات"([25]). كيف يمكن بعد ذلك القول بقطيعة بين تصور القرآن عن المرأة وبين التنظيم البطريركى للجنس ؟ في كلتا الحالتين، تعتبر المرأة متاعا وجمادا. في كلتا الحالتين، تظل غائبة – كذات وكإرادة وكرغبة – من الفعل الجنسي. إن الفعل الجنسي المشيئ يستغل، في نظر آيت الصباح، من طرف النظام القبلي البطريركى من اجل توطيد التراتب والسيطرة، كما إن التصور البطريركى حول المرأة والجنس استغل كعنصر عيني تاريخي في إقامة النظرية القرآنية حول النشاط الجنسي. وفعلا، ترى آيت الصباح إنه "داخل الخطاب السني، يتحقق الرجل المتحرك الحي عموديا في عالم يتحكم فيه بفضل إرادته، بيد إن المرأة تظل محرومة من الإرادة، أفقية وجامدة. إنها تستسلم للقوة التي تحرك الكون، القوة الذكورية، ويتحقق مبدأ السيطرة في / وبواسطة الفعل الجنسي، كما يظهر ويستمر في الوجود المبدأ التراتبي الذي هو العالم البطريركى"([26]).
إن تشييئ الفعل الجنسي لا يقف عند حدود تشييء المرأة. ذلك إن التشييئ يستحيل إن يبقى جزئيا فيشمل العلاقة بأكملها، بل وينسحب على الرجل كذلك في نهاية الأمر. الفعل الجنسي المشيئ – من طرف البطريركية والإسلام – فعل يعاني من الإخصاء: إنه مبتور من وظيفته الإنجابية (عند المرأة) واللذة (عد الرجل).
وفعلا، في إطار المنطق القدسي، لا يبقى الفعل الجنسي الوسيلة الضرورية والكافية للإنجاب، بل ويتحول إلى فعل غير ضروري وغير كاف عندما تنجب العجوز([27]) والبكر والمرأة العقيمة. على عكس ذلك، ليس من الأكيد إن تحمل لا المرأة الشابة ولا المرأة المتزوجة ولا المرأة الولود إذا تعارض ذلك مع الإرادة الإلهية. فالله إذن هو المنجب الحقيقي. وما المرأة إلا وعاء خاضع لمشيئة الله : "لله مالك السموات والأرض. يخلق ما يشاء، يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما. إنه عليم قدير"([28]). إن القوانين الطبيعية تصبح واهية داخل منطق الحق الإلهي إلى درجة يمكن فيها الحديث عن بيولوجية قدسية معكوسة تجعل من المعجزة موضوعها الأساسي من جهة، وتحول الطاعة والاستسلام إلى شروط كافية للحصول على ذرية من جهة أخرى. من هنا، يبدو إن الإنجاب يتصل بمفهومي الجزاء والعقاب أكثر مما يتصل بالفعل الجنسي وبقوإنين الطبيعة. ومن ثمة، يجوز القول، في اعتقاد آيت الصباح، بأن الفعل الجنسي الإسلامي مخصي من بعده الإنجابي. والواقع، وكما سبقت الإشارة إلى ذلك، يشمل الإخصاء البعد الأساسي الثإني في الفعل الجنسي، أي بعد الرغبة. فالفعل الجنسي في الإسلام لقاء رباعي: إنه لقاء بين الرجل والمرأة والشيطان والله. لقاء الرجل والمرأة لقاء بين رغبة (الرجل) وشيء (المرأة). ومن ثمة فإن هذا اللقاء يشكل خطرا على المؤمن من حيث يفقده عقله وملكة التحكم في نفسه. إنه في نهاية الأمر لقاء مع الشيطان ووقوع في الفتنة. من أجل ذلك، نجد الإمام البخاري ([29]) مثلا يحث المؤمن على ذكر اسم الله عند بلوغ الذروة الجنسية. أما الإمام الغزالي([30]) فإنه ينص على ضرورة الذكر من بداية الفعل الجنسي إلى نهايته. إن اقل ما يمكن قوله بصدد الأذكار المصاحبة للفعل الجنسي هو "إنها تتطلب حضورا فكريا مناقضا للتركيز على جسد المرأة الذي يستلزمه هذا الفعل"([31])، حسب تعبير آيت الصباح. من هنا، يصبح الفعل الجنسي فعلا ميكانيكيا عضويا، يقوم به المؤمن وهو في حالة شرود ولا مبالاة بجسد المرأة. كيف يمكن في هذا الوضع السيكولوجي إن تنشأ علاقة عاطفية عميقة بين الرجل والمرأة ؟ والواقع إن هذا السؤال ليست له مكانة في التصور الإسلامي لإن العلاقة العميقة والحقيقية لا يجب إن تحدث بين الرجل والمرأة، وإنما بين الإنسان والله. لذا فإن كل الوسائل والتقنيات تستعمل من طرف التصور الإسلامي حتى تحول بين المؤمن وحب المرأة، ومن بينها الطلاق والتعدد. إن سهولة الطلاق تسمح للرجل بتغيير أزواجه بإيقاع سريع، الشيء الذي يعوقه من ربط علاقة عاطفية ومستمرة مع زوجة ما، كما إن تعدد الزوجات في إن واحد يسعى إلى نفس الهدف. واضح من هنا إن المقصد الحقيقي لمؤسستي الطلاق والتعدد هو تحويل طاقة المؤمن العاطفية عن المرأة وتوجيهها نحو العبادة. المؤمن المسلم يعاني إذن من تمزق في شخصيته، حيث تتجاذبه قوتان متناقضتان ومتصارعتان: الله والمرأة. والواقع إن المرأة، باعتبارها فتنة، لا عقل، لا مضبوط، ترمز إلى الشيطان. ومن ثمة فإن التمزق الحقيقي الذي يعاني منه المؤمن يكون بين الله وبين الشيطان. واضح من هذا التحليل إن النشاط الجنسي ظاهرة سلبية في المنظور الإسلامي:
- إنه ليس شرطا ضروريا وكافيا للإنجاب،
- إنه نشاط يبعد الإنسان عن العبادة وعن العقل،
- إنه ظرف يوقع المؤمن في الحيوانية وفي الفتنة.
ومن ثمة، فإن "العلاقة الجنسية المثلى يجب ألا تكون علاقة بين رجل وامرأة يستطيعإن تعبئة طاقتهما العاطفية والفكرية من أجل الحصول على أجود متعة . يجب إن تكون العلاقة الجنسية المثلى تحريكا للجسم باعتباره تركيبا عضويا منعدم الأساس العاطفي، ومتمركزا حول الأعضاء التناسلية"([32]). من خلال هذا التصور الأوركانيكى للعلاقة الجنسية المثلى، يقضي الإسلام، في رأي آيت الصباح، على الرغبة، وبالتالي على العلاقة الجنسية الإنسانية. فالمرأة موضوع رهن إشارة الذكر، في كل الأوقات وفي كل الأوضاع. إنها الوعاء الذي يفرغ فيه الذكر طاقته الليبيدية حتى يتمكن من العبادة وهو مرتاح البال وغير متوتر. ما المرأة إذن إلا وسيلة تشكل الحقل الفيزيائي لممارسة جنسية صنمية Fétichiste، فهي لا تتحدد وتتموضع إلا بالنسبة لهذه الجنسانية . إن صنمية العلاقة الجنسية في الإسلام، حسب آيت الصباح، لمؤشر على الطابع التراتبي المؤسس للعلاقة بين الإنسان والإنسان، وبين الإنسان والله . "إن هدف الإسلام هو توجيه قدرات الفرد الكامنة حتى يتحول إلى مؤمن، أي إلى كائن ينغمس كليا في طاعة وعبادة قوة مجردة عليا. إنه (الإسلام) لا يتحقق إلا من هذه العلاقة اللامتساوية. فالرجل، مثله في ذلك مثل المرأة ليس غاية في ذاته، إذ لا يتحدد إلا بحاجة كائن آخر : تتحدد المرأة بحاجة المؤمن الجنسية، ويتحدد المؤمن بحاجة الله في إن يعبد"([33]).
إن تقديم هذه النماذج المختلفة والمتناقضة يبين بشكل واضح إنه يستحيل التحدث عن موقف إسلامي واحد وموحد بصدد قضية المرأة والجنس. ذلك إن حضور الإيديولوجيا في البحث عن حقيقة النص المقدس يؤدي إلى قراءات متنوعة ومتعددة تتميز واحدة منها، في غالب الأحيان، عن القراءات الأخرى وتضع نفسها كالقراءة الوحيدة التي توصلت إلى الحقيقة . والواقع إن هذه العملية التي تفرض قراءة معينة، والتي تهمش – بل وتكفر – القراءات الأخرى، عملية لا تتم انطلاقا من ضرورة نظرية أكثر مما ترجع إلى إرادة قوة وسلطة.
يتجلى حضور الإيديولوجيا في البحث عن حقيقة النص المقدس في عمليتي الانتقاء والتأويل. الإيديولوجيا حاضرة في عملية الانتقاء حيث إن الباحث يبرز نصوصا معينة ويسكت عن نصوص أخرى يعتقد إن معناها لا يتفق والطرح الذي يدافع عنه. الإيديولوجيا حاضرة بالخصوص في عملية التأويل، حيث يمكن التمييز بين اتجاهين كبيرين:
- اتجاه أنطولوجي
وهو الاتجاه الذي يجعل من تصورات وأحكام القرآن والسنة قضايا نهائية غير قابلة للتغيير، وذلك لكونها تنطلق من تحديد لا تاريخي للذات البشرية . "النساء ناقصات عقل ودين" مثلا قضية تفهم حسب هذا الاتجاه على إن المرأة أقل ذكاء وتفكيرا من الرجل نظرا لطبيعتها الأنثوية الثابتة، وذلك مهما تغيرت الظروف والأحوال. لا أمل ولا سبيل للقضاء على هذا النقص، إنه صفة محمولة ومتضمنة حتما في ذات المرأة.
- اتجاه تاريخي
وهو الاتجاه الذي يرى في تصورات وأحكام القرآن والسنة قضايا ظرفية قابلة للتجاوز، ما دام قد تم تجاوز الوقائع التاريخية التي أنتجتها. "إن القرآن، حسب الطاهر الحداد([34])، لم يبوب لأحكامه بحسب الموضوع طبق الأصول النظرية في تدوين المبادئ والكتب. وبذلك كانت شريعته نتيجة ما في الحياة من تطور، لا إنها فصول وضعت من قبل لحمل الحياة على قبولها... ونحو عشرين سنة من حياة النبي في تأسيس الإسلام كفت بل أوجبت نسخ نصوص بنصوص وأحكام بأحكام اعتبارا لهذه السنة الأزلية... إنما الإسلام دين الواقع وبتطوره يتطور، وذلك سر خلوده".
هذان الاتجاهان، الأنطولوجي والتاريخي، في التأويل يعكسان موقفين متمايزين :
-موقف محافظ يتشبث بدونية المرأة ولا يعيد النظر في المسلمة الجذرية اللامعقلنة: اللامساواة الأنطولوجية بين الرجل والمرأة.
-موقف يرى إن الفرق البيولوجي بين الرجل والمرأة لا يعنى التفوق الاجتماعي ولا يبرر استغلال جنس لآخر. إن الاختلاف الجنسي كظاهرة بيولوجية ظاهرة صامتة، بمعنى إنها لا تحمل أي دلالة اجتماعية في ذاتها. إن المجتمع البطريركى التراتبي هو الذي يجعل من هذا الاختلاف اختلافا دالا من أجل تبرير التراتبية الجنسية.
حقا، منح الإسلام الأصلي حقوقا للمرأة ([35]) يمكن اعتبارها ثورة بالنظر إلى إطارها المرجعي التاريخي (المجتمع البطريركى الجاهلي). لكن هذه الحقوق، رغم جرأتها التاريخية، لم تعد النظر آنذاك في الإيديولوجيا الجنسوية Sexiste السائدة. وبالفعل ، نجد الإسلام الأصلي النموذجي يقر :
1 – سلبية المرأة : المرأة شر، المرأة كيد ، المرأة فتنة، المرأة شيطان،
2 – حدود جنسية تراتبية : أولوية المذكر شيء لا يحتمل الشك([36]).
3 – تقديم المرأة من خلال النموذج الزراعي (المرأة / الأرض / الحرث) والنموذج التجاري (المرأة المتاع زينة الحياة الدنيا).
إن اختزال الإسلام في هذه الصورة (حقوق جزئية / تصور ذكوري) يجعل منه موقفا لا نسويا يعوق حركة تحرر المرأة في البلدان الإسلامية. ومن ثمة، فإن استمرار الإسلام في العالم المعاصر يستلزم عدم الوقوف عند أنطولوجية النصية، أو بتعبير أدق، عند نصيته المقدسة التي تحولت إلى نموذج أنطولوجي.
أليس الربط الذي قام به القرآن ومفهوم الحقوق أهم بكثير من الحقوق الفعلية (والناقصة بالنظر لتطلعات العصر الحاضر) التي منحها للمرأة ؟ أليس هذا الربط بداية لمسلسل لا يمكن إن يتوقف، قرإنيا ومنطقيا وتاريخيا، ما دامت المرأة في وضعية دونية؟ هل جاء الإسلام ليحقق المساواة والعدالة الاجتماعية، أم جاء ليعطي طابعا مقدسا لتفوق الرجل على المرأة
إن الإقرار بالمساواة كغائية الإسلام الحقيقية يلزم عنه:
1 – ضرورة الاعتراف بضرورة استمرار الاجتهاد.
2 – ضرورة التخلي عن نموذج السلف، باعتباره صالحا في حدود حاجيات وإمكانيات عصره بالأساس.
إن القول بإسلام نموذجي لا تاريخي يخرق العصور قول خطير على مسايرة الإسلام للتاريخ. يجب على العكس من ذلك الذهاب إلى إن لكل عصر إسلامه النموذجي الخاص الذي يصغي إلى الواقع، والذي يسعى إلى تحقيق حاجيات وإمكانيات ذلك الواقع. ذلك شرط استمرار الإسلام كرسالة إنسانية واجتماعية. محكوم على الإسلام أن يظل مفتوحا (استمرار النزول) ما دام التاريخ مفتوحا.
[1] - عباس محمود العقاد : " المرأة في القرآن " – دار نهضة مصر للطبع والنشر – القاهرة – 1976 . ص 6.
[2] - علال الفاسي : " النقد الذاتي". لجنة نشر تراث زعيم التحرير علال الفاسي. الطبعة الرابعة – الرباط . 1979 . ص 301 .
[3] - نفس المرجع . ص 268 .
[4] - علال الفاسي : " النقد الذاتي " . مرجع مذكور. ص ص 268 – 269 .
[5] - " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف، وللرجال عليهن درجة" . البقرة "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعهم على بعض وبما اتفقوا من أموالهم" . النساء.
[6] - عباس محمود العقاد : " المرأة في القرآن " . مرجع مذكور . ص 7.
[7] - نفس المرجع ص 7.
[8] - عباس محمود العقاد : "المرأة في القرآن " . مرجع مذكور ص 9.
[9] - عباس محمود العقاد : " المرأة في القرآن" . مرجع مذكور. ص 136.
[10] - نفس المرجع ، ص 137 .
[11] - محمد عزيز لحبابي : "الشخص في الإسلام، شرط المرأة" . دعوة الحق. عدد : 9 – 10 . السنة الحادية عشرة . غشت 1969.
[12] - الطاهر الحداد : "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" . الدار التونسية للنشر. النشرة الثانية. 1972 . ص 21 ..
[13] - سورة البقرة. الآيات 225 – 226 .
[14] - A. Bouhdiba : « La sexualité en Islam » . Paris PUF 1975.
[15] - Ibid. o. 171 . Traduction personnelle.
[16] - Ibid . p. 105 .
[17] - A. Bouhdiba : La sexualité en Islam , op : cit . p. 122 .
[18] - Ibid . p . 24.
[19] - Ibid . p 44.
[20] - Ibid. p. 44.
[21] - A. BOUHDIBA : « La sexualité en Islam » .op . cit . p 129.
[22] - Fatna Aït Sabbah : « La femme dans l’inconscient musulman : Désir et Pouvoir. Paris . Le Sycomore 1982.
[23] - سورة آل عمرإن . آية 13
[24] - من أجل تعزيز هذه الفكرة، تستشهد فاطنة آي الصباح بآية اخرى : "نساؤكم حرث لكم، فاتوا حرثكم أنى شئتم". البقرة . 220.
[25] - F. Aït Sabbah : « La femme dans l’inconscient musulman » op. cit. P. 77
[26] - Ibid. P. 78.
[27] - مثال زوجة إبراهيم يبين إن الشيخوخة ليست مإنعا ضد الإنجاب : "… فبشرناها بإسحاق. ومن وراء إسحاق يعقوب. قالت يا ويلتي أألد وإنا عجوز وهذا بعلي شيخا. إن هذا لشيء عجيب. قالوا أتعجبين من أمر الله". سورة هود. آيات 69 – 71 .
- مثال مريم والبكر الحامل : "قالت إنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا. قال كذلك قال ربك هو على هين... فحملته فإنتدبت به مكانا قصيا" . سورة مريم. الآيات 18-20.
- امرأة زكرياء والعاقر الحامل : "وإنى خفت الموإلى من وراءى وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا… يرثني ويرث من آل يعقوب... يا زكرياء إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى... قال رب إنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا. قال كذلك قال ربك هو علي هين". آيات 3-7.
[28] - سورة الشورى . آيات 45 – 46 .
[29] - الإمام البخاري : الصحيح.
[30] - أبو حامد الغزالي : "إحياء علوم الدين. كتاب الزواج".
[31] - F. Aït Sabbah « la femme dans l’inconscient musulman » op. cit. p. 183.
[32] - F. Aït Sabbah « La femme dans l’inconscient musulman » op. cit. p. 195.
[33] - Ibid. p. 199.
[34] - الطاهر الحداد : "امرأتنا في الشريعة والمجتمع". مرجع مذكور. ص ص 22 – 28.
[35] - حقوق المرأة في الإسلام الاصلى النموذجي :
- حق الحياة (تحريم واد البنات)
- حق الملكية – حق التبرع – حق التصرف.
- حق الإرث
- حق اختيار الزوج
- حق الشهادة
- حق التطليق – الحق في المتعة
- حق الحضانة.
[36] - "إن أولوية المذكر أساسية في الإسلام. لكن القرآن لا يتجاهل رغم ذلك المؤنث الأبدي. فالفرق بين الرجل والمرأة ما هو في نهاية المطاف سوى درجة يتيمة صغيرة ! " عبد الوهاب بوحديبة : « La Sexualité en Islam" . op . cit. p 31 .